responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 394
(بَابُ تَفْسِيرِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَتَقْسِيمِهَا)
قَالَ الشَّيْخُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَّا الْعَقْلُ فَنُورٌ يُضَاءُ بِهِ طَرِيقٌ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ حَيْثُ يُنْتَهَى إلَيْهِ دَرْكُ الْحَوَاسِّ فَيَبْتَدِئُ الْمَطْلُوبُ لِلْقَلْبِ فَيُدْرِكُهُ الْقَلْبُ بِتَأَمُّلِهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي الْبَشَرِ إلَّا بِدَلَالَةِ اخْتِيَارِهِ فِيمَا يَأْتِيهِ وَيَذَرُهُ مَا يَصْلُحُ لَهُ فِي عَاقِبَتِهِ وَهُوَ نَوْعَانِ: قَاصِرٌ لِمَا يُقَارِنُهُ مَا يَدُلُّ عَلَى نُقْصَانِهِ فِي ابْتِدَاءِ وُجُودِهِ وَهُوَ عَقْلُ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُوجَدُ زَائِدًا ثُمَّ هُوَ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِسْمَتِهِ مُتَفَاوِتٌ لَا يُدْرَكُ تَفَاوُتُهُ فَعُقِلَتْ أَحْكَامُ الشَّرْعِ بِأَدْنَى دَرَجَاتِ كَمَالِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَأُقِيمَ الْبُلُوغُ الَّذِي هُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ مَقَامَهُ تَيْسِيرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَابُ تَفْسِيرِ شُرُوطِ الرَّاوِي وَتَقْسِيمِهَا]
(بَابُ تَفْسِيرِ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَتَقْسِيمِهَا) ، قَوْلُهُ (أَمَّا الْعَقْلُ) فَكَذَا أَكْثَرُ النَّاسِ الِاخْتِلَافُ فِي الْعَقْلِ قَبْلَ الشَّرْعِ وَبَعْدَهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ:
سَلْ النَّاسَ إنْ كَانُوا لَدَيْكَ أَفَاضِلًا ... عَنْ الْعَقْلِ وَانْظُرْ هَلْ جَوَابٌ مُحَصَّلٌ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْعَقْلُ جَوْهَرٌ لَطِيفٌ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَوْهَرًا لَصَحَّ قِيَامُهُ بِذَاتِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ عَقْلٌ بِلَا عَاقِلٍ كَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ جِسْمٌ بِغَيْرِ عَقْلٍ وَحِينَ لَمْ يُتَصَوَّرْ ذَلِكَ دَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ كَذَا فِي الْقَوَاطِعِ وَقِيلَ مَعْنَى الْعَقْلِ: هُوَ الْعِلْمُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ قَوْلِهِمْ عَقَلْت وَعَلِمْت فَاسْتَعْمَلُوهُمَا لِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالُوا هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ وَمَعْقُولٌ وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوصَفُ بِالْعِلْمِ، وَلَا يُوصَفُ بِالْعَقْلِ فَدَلَّ أَنَّهُمَا مُفْتَرِقَانِ وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ اسْتِعْمَالَ الْعَقْلِ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَلَكِنْ كَلَامُنَا فِي الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَتَمَيَّزُ مَنْ اتَّصَفَ بِهِ عَنْ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ وَالْبَهِيمَةِ وَالْمَجْنُونِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُ الْعِلْمِ، وَلِذَلِكَ يُوصَفُ بِهِ عَامَّةُ الْخَلْقِ، وَلَا يُوصَفُ بِالْعِلْمِ إلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَقِيلَ: هُوَ قُوَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ بِوُجُودِهَا يَصِحُّ دَرْكُ الْأَشْيَاءِ وَيُتَوَجَّهُ تَكْلِيفُ الشَّرْعِ وَهُوَ مِمَّا يَعْرِفُهُ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْ نَفْسِهِ وَمُخْتَارُ الشَّيْخِ وَالْقَاضِي الْإِمَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَعَامَّةِ الْأَشْعَرِيَّةِ أَنَّ الْعَقْلَ نُورٌ يُضَاءُ بِهِ طَرِيقُ إصَابَةِ الْحَقِّ وَالْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ فَيُدْرِكُ الْقَلْبُ بِهِ كَمَا يُدْرِكُ الْعَيْنُ بِالنُّورِ الْحِسِّيِّ الْمُبْصَرَاتِ.
وَإِنَّمَا سَمَّاهُ نُورًا؛ لِأَنَّ مَعْنَى النُّورِ هُوَ الظُّهُورُ لِلْإِدْرَاكِ فَإِنَّ النُّورَ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُظْهِرُ وَالْعَقْلُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لِلْبَصِيرَةِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ عَيْنِ الْبَاطِنِ كَالشَّمْسِ وَالسِّرَاجِ لِعَيْنِ الظَّاهِرِ بَلْ هُوَ أَوْلَى بِتَسْمِيَةِ النُّورِ مِنْ الْأَنْوَارِ الْحِسِّيَّةِ؛ لِأَنَّ بِهَا لَا يَظْهَرُ إلَّا ظَوَاهِرُ الْأَشْيَاءِ فَتُدْرِكُ الْعَيْنُ بِهَا تِلْكَ الظَّوَاهِرَ لَا غَيْرُ فَأَمَّا الْعَقْلُ فَيَسْتَنِيرُ بِهِ بَوَاطِنَ الْأَشْيَاءِ وَمَعَانِيَهَا وَيُدْرِكُ حَقَائِقَهَا وَأَسْرَارَهَا فَكَانَ أَوْلَى بِاسْمِ النُّورِ وَقَوْلُهُ يُبْتَدَأُ مُسْنَدٌ إلَى الظَّرْفِ وَهُوَ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ وَالْجُمْلَةُ صِفَةٌ لِطَرِيقٍ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ إلَى الطَّرِيقِ وَفِي بِتَأَمُّلِهِ إلَى الْقَلْبِ يَعْنِي ابْتِدَاءَ عَمَلِ الْقَلْبِ بِنُورِ الْعَقْلِ مِنْ حَيْثُ يَنْتَهِي إلَيْهِ دَرْكُ الْحَوَاسِّ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إذَا أَبْصَرَ شَيْئًا يَتَّضِحُ لِقَلْبِهِ طَرِيقُ الِاسْتِدْلَالِ بِنُورِ الْعَقْلِ فَإِذَا نَظَرَ إلَى بِنَاءٍ رَفِيعٍ وَانْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ يُدْرِكُ بِنُورِ عَقْلِهِ أَنَّ لَهُ بَانِيًا لَا مَحَالَةَ ذَا حَيَاةٍ وَقُدْرَةٍ وَعِلْمٍ إلَى سَائِرِ أَوْصَافِهِ الَّذِي لَا بُدَّ لِلْبِنَاءِ مِنْهُ وَإِذَا نَظَرَ إلَى السَّمَاءِ وَرَأَى إحْكَامَهَا وَرِفْعَتَهَا وَاسْتِنَارَةَ كَوَاكِبِهَا وَعِظَمَ هَيْئَتِهَا وَسَائِرَ مَا فِيهَا مِنْ الْعَجَائِبِ اسْتَدَلَّ بِنُورِ عَقْلِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ صَانِعٍ قَدِيمٍ مُدَبِّرٍ حَكِيمٍ قَادِرٍ عَظِيمٍ حَيٍّ عَلِيمٍ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَبْتَدِي أَيْ يَظْهَرُ الْمَطْلُوبُ لِلْقَلْبِ فَيُدْرِكُ الْقَلْبُ الْمَطْلُوبَ إذَا تَأَمَّلَ - إنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ لِذَلِكَ - قَوْلُهُ (وَإِنَّهُ) أَيْ الْعَقْلَ لَا يُعْرَفُ فِي الْبَشَرِ أَيْ الْإِنْسَانِ إلَّا بِدَلَالَةِ اخْتِيَارِ الْإِنْسَانِ فِيمَا يَأْتِيهِ مِنْ الْعَقْلِ وَمَا يَتْرُكُ مِنْهُ مَا يَصْلُحُ لَهُ فِي عَاقِبَتِهِ أَمْرِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي عَاقِبَتِهِ رَاجِعًا إلَى مَا فِي قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِيهِ وَيَذَرُهُ أَيْ يَخْتَارُ فِعْلَهُ وَتَرْكَهُ مَا يَصْلُحُ لَهُ فِي عَاقِبَةِ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ قَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ لِحِكْمَةٍ وَعَاقِبَةٍ حَمِيدَةٍ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِ حِكْمَةٍ كَمَا يَكُونُ مِنْ الْبَهَائِمِ وَبِالْعَقْلِ يُوقَفُ عَلَى الْعَوَاقِبِ الْحَمِيدَةِ فَإِذَا وَقَعَ فِعْلُهُ عَلَى نَهْجِ أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى حُصُولِ الْعَقْلِ فِيهِ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ

نام کتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي نویسنده : البخاري، علاء الدين    جلد : 2  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست